اخبار محليةالعرض في السلايدرتقارير

في يوم الولاية… اليمن يحيي قيم الإمام علي ويرفض الخضوع والتطبيع

21 سبتمبر| تقارير

في لحظة متجددة من الفرح الإيماني، يحيي اليمنيون يوم الثامن عشر من ذي الحجة، يوم الولاية، باعتباره محطة تاريخية ومفصلًا عقائديًا يؤكد على الارتباط الوثيق بين الإيمان والقيادة، بين الرسالة وامتدادها. وفي بلد الإيمان والحكمة، كما وصفه النبي محمد صلى الله عليه وآله، تتجلى هذه المناسبة بصورة خاصة، حيث لا تُمثّل حدثًا عابرًا، بل ترسّخ علاقة متجذّرة بالإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، كرمز للحق والعدل، وامتداد لنهج النبوة.

الاحتفاء بيوم الولاية في اليمن هو فعل ثقافي، إيماني، وسياسي، يعكس وعيًا جمعيًا يرفض التبعية، ويجدد عهد الولاء لله ورسوله وأوليائه. وهو أيضًا مناسبة يجدد فيها اليمنيون موقفهم من قضايا الأمة الكبرى، وفي مقدمتها مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار.

ثورة 21 سبتمبر وتثبيت الولاية كهوية ونهج
وقد شكّلت ثورة 21 سبتمبر 2014 محطة مفصلية في ترسيخ هذا الوعي، إذ أسقطت الهيمنة الخارجية وأعادت الاعتبار للقرار الوطني المستقل. ومن رحم هذه الثورة، أعاد اليمنيون إحياء الكثير من المفاهيم العقائدية والوطنية، وفي مقدمتها مناسبة يوم الولاية التي باتت تُحيى بزخم غير مسبوق. لقد وفّرت الثورة المناخ السياسي والفكري لاستعادة الارتباط بالإمام علي عليه السلام كرمز للقيادة العادلة والموقف الثابت في وجه الطغيان، وعززت من حضور هذه المناسبة في الوجدان الجمعي، باعتبارها تعبيرًا عن هوية مستقلة، وموقفًا مناهضًا للتبعية والوصاية الأجنبية.

علاقة أصيلة تتجاوز الزمن
الشعب اليمني لا يحتفل بيوم الولاية بوصفه مجرد طقس ديني أو تقليد اجتماعي، بل يحتفل به من منطلق العلاقة الروحية والفكرية العميقة التي تربطه بالإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. هذه العلاقة تتجذر في التاريخ والثقافة والوجدان الشعبي، وقد عبر عنها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بقوله: “إن الشعب اليمني يحتفل بهذه المناسبة كل عام بإرثه الإيماني الذي ورثه عبر الأجيال”.

لقد كان اليمن من أوائل المناطق التي دخل أهلها في الإسلام طوعًا، وكان للإمام علي عليه السلام دور كبير في تبليغ رسالة الإسلام إليهم، عندما بعثه النبي محمد صلى الله عليه وآله إلى قبائل اليمن، فأسلمت على يده قبائل كثيرة. ومن هنا، بدأت علاقة خاصة بين اليمنيين والإمام علي، لم تكن مجرد علاقة دينية، بل علاقة تبنٍ لقيمه ومبادئه ونهجه، الذي يمثل الامتداد الحقيقي للرسالة المحمدية.

الولاية امتداد لبلاغ الرسالة
يوم الولاية هو اليوم الذي أعلن فيه النبي محمد صلى الله عليه وآله، في غدير خم، ولاية الإمام علي بقوله الشهير: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه». وهو إعلان جاء بعد تبليغ الدين واكتماله، ليكون تأكيدًا على أن الرسالة لا تُترك هملاً، بل تُستكمل بقيادة من يحمل روحها ومبادئها.

إن الاحتفال بيوم الولاية هو من الفرح بنعمة الله تعالى وإظهار الفرح بها، وشهادة بكمال الدين وشهادة ببلاغ الرسول. وهذا التعبير يعكس فهمًا عميقًا لدلالة هذا اليوم، كونه ليس مجرد إعلان سياسي بل هو توجيه إلهي في من يتولى أمر الأمة من بعد النبي.

الهوية الإيمانية والتمسك بالنهج المحمدي
اليمنيون يرون في يوم الولاية مناسبة لاستحضار هويتهم الإيمانية، ولتأكيد التزامهم بنهج الإسلام المحمدي الأصيل، الذي يتمثل في العدالة، والكرامة، والاستقلال، ورفض الظلم والخنوع. ولذلك، فإن الاحتفاء بيوم الولاية لا يُفهم في اليمن في سياق ديني بحت، بل يُقرأ بوصفه فعل مقاومة ثقافي وسياسي ضد مشاريع التبعية والخضوع.

إحياء هذه المناسبة هو “إحياء لمبدأ إسلامي عظيم في امتداد الولاية وتحصين الأمة من الولاء لليهود والنصارى”، وهي رسالة واضحة بأن المسألة ليست فقط دينية، بل وجودية، ترتبط بخيارات الأمة الكبرى بين التبعية والاستقلال، بين أن تكون أمة ذات هوية وقيادة، أو أن تتحول إلى تابعٍ لقوى الهيمنة.

الاحتفالات: مشهد من الولاء المتجدد
في عموم المحافظات اليمنية، تتعدد مظاهر الاحتفال بيوم الولاية، من المسيرات الكبرى، إلى الفعاليات الثقافية، إلى الندوات الفكرية والخطابية. ويخرج اليمنيون بالملايين إلى الساحات حاملين الشعارات التي تُجدد الولاء لله ورسوله والإمام علي، مرددين الهتافات التي تؤكد ارتباطهم بمشروع الولاية.

هذه الفعاليات ليست عفوية أو موسمية، بل هي نتاج وعي عميق بتجديد العهد، وتُظهر كيف أصبح يوم الولاية رمزًا وطنيًا وإيمانيًا في اليمن، يحمل بعدًا توعويًا، ويُعيد التذكير بمفهوم القيادة التي تحمل هم الأمة، وتدافع عن قضاياها، وتقودها على أساس القيم لا المصالح.

الولاية كحاجز في وجه التطبيع والخضوع
في زمن تتسابق فيه بعض الأنظمة العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وتمضي في مشاريع التبعية للولايات المتحدة والغرب، يقف الشعب اليمني على النقيض تمامًا، رافعًا شعار الولاية كموقف وتحصين. وهو ما عبّر عنه السيد القائد بوضوح حين اعتبر أن “التحذير القرآني من التولي لليهود والنصارى يشمل كل أشكال التعاون معهم ضد الإسلام والمسلمين”.

من هذا المنطلق، فإن تمسك اليمنيين بيوم الولاية هو أيضًا تمسك برفض كل مشاريع الهيمنة التي يقودها الغرب ضد الأمة الإسلامية، وفي مقدمتها مشروع التعايش مع الكيان الصهيوني، الذي يمارس أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني. ومن هنا، فإن يوم الولاية في اليمن ليس فقط مناسبة دينية، بل هو عنوان مقاومة، وعهد يتجدد بالمضي في خط المواجهة ضد الظلم والاستكبار.

الإمام علي كرمز للقيم والعدل في مواجهة الطغيان
لا يُحيي اليمنيون يوم الولاية فقط حبًا للإمام علي، بل إيمانًا بأن مشروعه هو مشروع العدالة، وهو النموذج الأمثل للقيادة في مواجهة الطغاة. فالإمام علي، الذي كان أول من جابه انحرافات الحكم، يُمثّل في وجدان اليمنيين ذلك القائد الذي رفض السكوت عن الظلم، وتمسك بالحق حتى دفع ثمنه استشهادًا.

هذا المفهوم للقيادة ليس ترفًا فكريًا عند اليمنيين، بل هو مبدأ يُترجم إلى مواقف سياسية وشعبية، ويُوظف في رفض الظلم بكل أشكاله، وفي نصرة قضايا الأمة، وفي التصدي لكل محاولات سلخها عن هويتها. ولذلك فإن الإمام علي عليه السلام حاضر في وعي اليمنيين بوصفه مدرسة وراية، لا شخصًا ولا ذكرى عابرة.

معركة الوعي والانتماء
يوم الولاية في اليمن يُعاد فيه تمكين مفاهيم الوعي والانتماء الأصيل. في ظل الحرب الإعلامية والفكرية التي تُشن على شعوب المنطقة، يصبح التمسك بالرموز الحقيقية من أمثال الإمام علي أحد أهم أدوات المواجهة الثقافية والفكرية. ويدرك اليمنيون أن هذه المعركة ليست فقط عسكرية، بل هي صراع على الهوية والانتماء.

السيد القائد أعاد التأكيد على هذا المفهوم حين قال إن “القرآن يرسخ لدينا كمسلمين النظرة الصحيحة تجاه اليهود والنصارى كأعداء”، وهي رسالة توجيهية واضحة تنبه إلى ضرورة التمسك بالبصيرة القرآنية وعدم الانزلاق إلى فخ التطبيع أو التبعية الثقافية والفكرية.

  اليمن ويوم الولاية – تجسيدٌ لمسؤولية الأمة
في وقت تتزايد فيه التحديات أمام الأمة الإسلامية، يقدم اليمن أنموذجًا فريدًا في استلهام القيم الدينية لتحصين الوعي، وبناء مشروع استقلالي نهضوي. ويأتي يوم الولاية كركيزة في هذا البناء، إذ يُجدد اليمنيون من خلاله عهدهم لله ولرسوله ولأوليائه، ويؤكدون أن المشروع الإيماني ليس شعارات، بل التزام وموقف وعمل.

يوم الولاية في اليمن هو يوم انتماء لا مساومة فيه، ويوم تبصّرٍ لا تردد فيه، ويوم قيادة لا وصاية فيها إلا لله ورسوله والمؤمنين. ومن هذا المنطلق، يستمر اليمنيون في إحياء هذه المناسبة عامًا بعد عام، لأنها ليست مجرد ذكرى، بل عنوان لحاضرهم، وبوصلة لمستقبلهم.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com