اخبار دولية وعربيةاخبار محلية

ميدل إيست آي: عسيري يبرر الوجه القبيح للحرب على اليمن

21 سبتمبر | متابعات 

موقع ميدل إيست آي الأمريكي (النسخة الفرنسية):

على الرغم من الطموحات التي تعتلي ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في اتخاذ الإصلاحات الشاملة للاقتصاد السعودي, إلا أنه يشعر بشيء من الأسف عند إعادة التفكير في قرار شن الحرب على اليمن باعتباره العقل المدبر له.

في نهاية المطاف كلف قرار الحرب على اليمن المملكة العربية السعودية ما يقرب من 250 مليون دولار في العام الواحد, في الوقت الذي تصطلي فيه الرياض بنيران الأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بها جراء الانخفاض الحاد الذي أصاب  أسعار أسواق  النفط العالمية.

لم يؤدي قرار شن الحرب على اليمن بشكل أو بأخر على تشويه صورة الأمير محمد بن سلمان داخل المملكة لكنه ما من احد يمكنه إنكار حقيقة أن هذا القرار ألقى بظلاله على سمعة المملكة العربية السعودية.

بالإضافة إلى ذلك، ففي حال امتدت هذه الحرب لفترة طويلة فان النتائج التي سيجنيها التيار المعارض في المملكة السعودية لن تصب في مصلحة الأمير محمد بن سلمان الذي يواجه انتقادات لاذعة بسبب طموحه المفرط .

ولكن وفقا لتصريحات اللواء أحمد عسيري المتحدث الرسمي باسم الجيش السعودي, فانه لا يوجد أي بوادر ندم وإن وجدت فأنها ضئيلة جدا.

نيابة عن المجتمع الدولي:

في نوفمبر الماضي  ألقى اللواء  احمد عسيري كلمة أمام المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن في لندن أشار فيها إلى أن التحالف العربي والذي يضم في طياته احد عشر دولة والذي ينضوي تحت راية المملكة العربية السعودية كان بمباركة دولية ونيابة عن المجتمع الدولي.

فهذا التحالف يدعم الحكومة الشرعية في اليمن بالإضافة إلى كونه يرفض وجود المليشيات الحوثية المتمردة التي تسعى إلى تحقيق اهدافها, كونها تعتبر بمثابة بؤرة لعدم الاستقرار في المنطقة, كما شدد اللواء احمد عسيري على وصف المتمردين الحوثيين والمجاميع المسلحة من انصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح بالمليشيات كونها استولت على البلد بقوة السلاح.

يطمح الحوثيون  إلى المشاركة في الحكومة ولكنهم لن يتخلوا عن ميليشياتهم المسلحة, وفي حال حدث ذلك, فان المملكة العربية السعودية لن تسمح بان يواجه اليمن ذات المصير الذي آل اليه الوضع في لبنان.

وفيما يتعلق بضرب المدنيين والمناطق المأهولة بالسكان فقد اكد اللواء احمد عسيري على أن قوات التحالف تتجنب بشكل منهجي ضرب المدنيين, حيث أشار إلى أن قوات التحالف ومنذ اليوم الأول لبدء عملياتها العسكرية في اليمن تفادى التحالف شن اي هجوم يستهدف البنية التحتية بالإضافة إلى تفاديه قصف أي مناطق سكانية, كما أردف حديثة قائلا أن قوات التحالف العربي تستخدم أسلحة دقيقة جدا في مساندة القوات البرية.

وعلى الرغم من كل ذلك فقد اعترف اللواء احمد عسيري ببعض الأضرار الجانبية, مشيرا إلى أن  للحروب أوجه رهيبة.

الصداقات وصفقات بيع  الأسلحة:

في المقابل، سنعمل على سرد عددا من الحوادث التي تعرض لها اليمن والذي يعتبر من  أفقر البلدان العربية, إذ تتناقض هذه الأحداث  مع ما قاله اللواء أحمد عسيري, فقد جعلت طائرات التحالف العربي من المستشفيات, المدارس, الاسواق والبنية التحتية في مرمى نيرانها.

كما أن الغارة الجوية التي استهدفت صالة العزاء في العاصمة اليمنية صنعاء والتي اودت بحياة ما يقرب من 140 شخصا ليست عنا ببعيد, ناهيك عن القصف الذي استهدف احد السجون في مدينة الحديدة فقد خلفت هذه الغارة عشرات القتلى, وفي نهاية شهر اكتوبر المنصرم شنت مقاتلات التحالف العربي غارة جوية استهدفت مبنى سجن الزيدية التابع لمحافظة الحديدة مما أسفر عن سقوط  60 شخصاً, ومن جانبها نفت قيادة التحالف العربي الذي تقوده السعودية إنها استهدفت مبنى السجن, حيث ان المبنى كان في الاصل مركزا يستخدمه المتمردون الحوثيون لقيادة العمليات العسكرية.

وحتى يومنا هذا لم تجني هذه الحرب سوى سقوط اكثر من 10 آلاف مدني جُلهم من النساء والأطفال.

بيد أن قوات التحالف ليست المسؤول الوحيد فهي تتقاسم مسؤولية ارتكاب هذه الجرائم والفظائع بحق الشعب اليمني مع المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق على عبد الله صالح.

ومع كل هذا اختار المجتمع الدولي أن يصطف في صف المملكة العربية السعودية التي تتباهى بسلاحها الجوي المثير للإعجاب, اضف إلى ذلك الدعم الذي تتلقاه الرياض من المملكة المتحدة البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية.

ومن جانبها دعت واشنطن إلى وقف العمليات العسكرية في اليمن في حين تقدم البرلمان البريطاني بطلب وقف صفقات بيع الاسلحة للسعودية ولكن كل هذه الجهود ذهبت أدراج الرياح.

كل هذه الاحداث والأصداء لم تُثير اللواء احمد عسيري الذي لطالما أشار إلى العلاقة الوطيدة التي تربط  بلاده منذ فترة طويلة مع هذه البلدان التي يصفها بالبلدان الصديقة.

وبالإضافة الى ذلك, ففي حال عملت الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا على فرض حظر على بيع الاسلحة – بالرغم من أن هذا الامر اصبح مفروغاً منه – فان المملكة العربية السعودية سوف تتخذ إجراءات و ترتيبات تقضي بدخولها إلى السوق المالية ولكننا نأمل في أن نتجنب مثل هذه الإجراءات بالغة الشدة.

تعتبر صناعة الاسلحة في المملكة المتحدة البريطانية مصدر رئيسي في خلق العديد من فرص العمل, فهذه الحرب عادت بالنفع على القطاع الصناعي للبلد, لان الفائدة التي تعود على المملكة لا تخص مصانع بيع الاسلحة فحسب بل انها تعود بالنفع أيضا على العمال وعائلاتهم.

استراتيجيات الخروج من الأزمة؟

قدم اللواء  أحمد عسيري عرضا مفصلا ومنهجياً نفى فيه وبشدة  ضلوع  السلطات السعودية في فرض أي  حظر او عرقلة وصول المساعدات الإنسانية عبر الطريق البحري, حيث اشار انه من غير الصحيح الحديث عن فرض التحالف أي حصار على المنافذ البحرية, فجميع هذه المنافذ مفتوحة حتى تلك التي تحت سيطرت المتمردين الحوثيين, كما أن قوات التحالف العربي ترصد عن كثب حركة السفن حيث عملت على استحداث نقاط تفتيش لمنع وصول الأسلحة, بيد أن المساعدات الإنسانية ينبغي أن تصل بطبيعة الحال إلى السكان.

وبالإضافة إلى ذلك فقد  أشار اللواء احمد عسيري إلى أن المساعدات الإنسانية التي تصل إلى  المنافذ البحرية  التي يسيطر عليها المتمردين الحوثيين يتم مصادراتها من قبلهم فهم يستخدمونها في عملياتهم العسكرية, أو يتم بيعها في السوق السوداء, ناهيك عن استخدمها كوسيلة ضغط على بعض المدن المحاصرة كمدينة تعز, وبالرغم من كل ذلك فإن قوات التحالف العربي  تعمل جاهدة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع السكان.

وكعربون لإبداء حسن النية تؤكد السلطات السعودية بوجود مركز  الملك سلمان للمساعدات الإنسانية والإغاثة الذي تأسس في العام 2015, إذ جعل من اليمن في الوقت الراهن من أولى  أولويته القصوى فيما يخص المساعدة الإنسانية.

وبالإضافة إلى ذلك, فقد القى اللواء احمد عسيري باللوم على المتمردين الحوثيين و حليفهم الرئيس السابق على عبد الله صالح جراء فشل مفاوضات السلام التي عقدت هذا العام, حيث أشار إلى أن المملكة العربية السعودية شاركت في ثلاث جولات من مفاوضات السلام مع الحوثيين ومن جانبها عملت الرياض على حث المتمردين على تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار.

يرى اللواء احمد عسيري من وجهة نظره الخاصة أن الشروط التي وضعها التحالف العربي والمنصوص عليها من قبل الحكومة الشرعية اليمنية والتي تختص بتسليم المتمردين الحوثيين للأسلحة كانت معقولة, فهذه الحلول التي طرحنها  مضطرون إلى التمسك بها على ارض الواقع من أجل التأكد من أن حلول اليوم لن تصبح مشاكل الغد.

ومن جانب اخر أشار اللواء احمد عسيري إلى أن الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني يعتبر بحد ذاته شيء جيد ولكن طهران أساءت التصرف, مشيراً إلى أن التوقيع على الاتفاق لا يعني الحرية الكاملة.

وبحسب تصريحاته فان إيران تمتلك 60 الف من الميليشيات المسلحة  في سوريا بالإضافة إلى وجود جيش حزب الله المسلح في لبنان، ناهيك عن الدعم الذي تقدمه للميليشيات الشيعية الذين يرتكبون الأعمال الوحشية والفظائع في العراق و حقيقة أن إيران دعمت الارهابيين في البحرين.

وبالرغم من كل ذلك فان هذا ليس كافيا للإشارة إلى طهران بأصابع الاتهام وذلك بغية الهرب من امرا واقع لا مفر منه.

تواجه المملكة العربية السعودية في الوقت الراهن خياراً صعباً والذي يتمحور حول إيجاد مخرج من هذه الحرب التي لم تكن ضرورية.

فمن البداية كان الأجدر بالرياض لو أنها تصرفت بحزم أكبر في العام 2014 عندما تمكن المتمردون الحوثيون من الاستيلاء على العاصمة صنعاء وطرد الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي المعترف به قبل المجتمع الدولي.

في تلك الاثناء كان بإمكان صناع القرار في الرياض التلويح باستخدام القوة في حال  لزم الامر, كما كان بإمكانهم دعم هذه التهديدات عن طريق القيام بضربات تثبت أنهم لا يمزحون في ذلك.

وبدلا من ذلك كان التردد  سيد الموقف, اذ واصل المتمردون الحوثيون زحفهم صوب مدينة عدن الجنوبية الذي تلاها هروب مخزي للرئيس عبد ربه منصور هادي, وحينها أعلنت السلطات السعودية بدأ عملياتها العسكرية في اليمن.

وخلال العام الماضي عملت الإستراتيجية السعودية على استخدام القوة المفرطة من أجل تحقيق اهدافها التي تتلخص في إعادة  السلطة الشرعية إلى سدة الحكم في اليمن, حماية الحدود السعودية وإعادة إحلال الاستقرار في المنطقة.

وحتى الآن، ووفقا لتصريحات اللواء احمد عسيري لم يتم تحقيق أيا من هذه الأهداف المعلنه, إلا ان الشعب اليمني لا يزال هو الوحيد الذي  يدفع الثمن الباهظ  للوجه القبيح لهذه الحرب.

بيل لوا |خبير ومحلل مختص بشؤون منطقة الشرق الأوسط و دول الخليج.

نقلاً عن : المراسل نت

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com