اخبار محليةالعرض في السلايدرتقارير

كربلاء الوعي والموقف: خطاب السيد القائد يُعيد ضبط معادلة الصراع

21 سبتمبر / تقرير خاص

في زمنٍ تداخلت فيه الروايات واختلطت المواقف، يعود السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي ليضع النقاط على الحروف، وليُعيد تموضع اليمن – لا على خارطة الجغرافيا فقط – بل على خارطة الوعي والمواجهة، حيث لا حياد في معركة الإسلام، ولا مساحة رمادية في وجه العدو الإسرائيلي الأمريكي.

 

في خطابه بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، لم يكن السيد القائد يستعرض حدثًا تاريخيًا، بل كان يبعث برسالة حية، تمتد من عاشوراء إلى فلسطين، ومن كربلاء إلى غزة، ومن دم الحسين إلى دماء أحرار الأمة في محور القدس والمقاومة. كانت كلمته منصة للثبات، وبيانًا إيمانيًا، وخريطة مواجهة ترسم اتجاه المرحلة القادمة.

 

قضية فلسطين… بوصلتنا التي لا تنحرف

من أول حرف حتى آخره، كانت فلسطين في قلب الخطاب، لا كقضية إنسانية فقط، بل كمحور الصراع ومركز الجبهة. أكّد السيد القائد أن موقف اليمن في نصرة الشعب الفلسطيني ليس موقفًا طارئًا أو موسميًا، بل هوية ثابتة نابعة من إيمان عميق، ووعي بأن العدو الصهيوني الأمريكي لا يستهدف فلسطين وحدها، بل يستهدف الأمة كلها، دينًا ودنيا.

 

وصف المشروع الصهيوني بأنه مخطط عدواني تدميري شامل، هدفه إسقاط الأمة من الداخل، ومحو كل بُعد ديني وقِيَمي فيها. ولذلك، فإن اليمن – كما أكّد السيد القائد – لن يتوانى عن أداء واجبه في مواجهة هذا المشروع، متحركًا في إطار محور القدس والجهاد والمقاومة، إلى جانب أحرار الأمة، حيث لا مكان للحياد، ولا وقت للتردد.

 

أمريكا و”إسرائيل”.. معسكر العداء الذي لا لبس فيه

الخطاب لم يكتفِ بوصف “إسرائيل” كعدو، بل وسّع دائرة التوصيف لتشمل العدو الأمريكي، باعتباره الرأس المدبر لكل ما يُرتكب من جرائم في فلسطين والعالم الإسلامي. قالها السيد القائد بوضوح: أمريكا و”إسرائيل” يشكلان خطرًا على الأمة كلها، بوجودهما، بفكرهما، بمشروعهما، وبكل من يدور في فلكهما.

 

وحين تحدّث عن الإعلام، والسياسة، والضغوط، والحصار، والخيانة، فقد كان يشرح كيف تعمل أدوات الطغيان الحديثة على تفريغ الإسلام من مضمونه المقاوم، وعلى تطويع الشعوب لتركع تحت الهيمنة.

 

لكن صوت اليمن، كما أعلنه السيد القائد، مختلف. هو صوت مرفوع في وجه الطغيان، لا يُجامل، ولا يساوم، ولا يساير. لأن هذا الصوت نابع من مدرسة الحسين، من صبر كربلاء، ومن يقين أن الحياة بلا كرامة هي شكل آخر من أشكال الموت.

 

الثبات خيار… وليس ظرفًا

أكد السيد القائد أن الثبات ليس حالة رد فعل، بل خيارٌ إيمانيٌ مدروس. ورغم كل التحديات: التضحيات، الإعلام المعادي، المؤامرات، ضغوط الداخل والخارج… فإن ثبات اليمن على مواقفه نابع من إيمانه، لا من تحالفاته.

 

الثبات هنا لا يُقاس بالتحالفات ولا بالتكتيك السياسي، بل يُقاس بمدى الانتماء للموقف الحق. وهذا ما عبّر عنه القائد حين قال: “مستعينون بالله، متوكلون عليه، واثقون به، وهو حسبنا ونعم الوكيل”.

 

الانطلاقة الإيمانية.. مشروع قرآني لا ينكسر

لم يكن حديث السيد القائد عن الشعب اليمني سردًا عاطفيًا، بل توصيفًا لمشروع متكامل. وصفه بـ”الانطلاقة الإيمانية” في ظل “المشروع القرآني المبارك”، الذي يقوم على التمسك بالقرآن الكريم، وحمل راية الإسلام، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

في زمن تتساقط فيه الشعارات، ويُحوّل فيه الإسلام إلى مجرد مظاهر، جاء خطاب السيد ليُعيد للمصطلحات معناها، وللمفاهيم حقيقتها: الإسلام هو القيام لله، هو النهوض للحق، هو كسر الصمت، هو أن يكون الإنسان حرًّا حتى في أصعب المراحل.

 

الحسين… النموذج الذي لا يموت

في رسمه لصورة الإمام الحسين، لم يقدّمه السيد القائد كشخصية تاريخية، بل كنموذج دائم للمواجهة. تحدّث عنه كصاحب قضية، وبيّن أن قضيته هي الإسلام الحقيقي الذي يرفض الاستسلام، والذي لا يُغيّر بوصلته حتى لو بقي وحده.

 

وقدّم السيد مشهد كربلاء بوصفه درسًا مفتوحًا إلى يوم القيامة: الإيمان، الصدق، الوفاء، الثبات، الشجاعة، كسر الصمت، وإحياء الكرامة في الأمة. وأكّد أن الحسين أحيا الحرية، وأشعل شرارة الثورات، وترك للأمة طريقًا واضحًا: إما الحق أو الطغيان.

 

المعركة اليوم: مواجهة الطغيان الأمريكي والإسرائيلي

بلهجة واضحة، وصف السيد القائد المعركة الحالية بأنها امتداد لثورة الحسين. العدو اليوم لا يكتفي بقتل الأبرياء، بل يعمل على طمس الهوية الإسلامية، وعلى استعباد المجتمعات الإسلامية، ونهب ثرواتها، وتدمير كيانها المعنوي.

 

ولذلك، فإن خيار المواجهة – كما عبّر القائد – هو واجب ديني، إيماني، وأخلاقي. وكل تهاون أمام الطغيان هو خسارة في الدنيا والآخرة. فمن يقبل بالخنوع، يخسر نفسه، ودينه، وكرامته، ويفقد شرف الانتماء للحق.


في طريق الحسين… نحن لا نساوم، ولا نرتبك، ولا نتراجع

كان خطاب السيد القائد أقرب إلى بيان ميداني عام للأمة: أن زمن الاستضعاف ولى، وأن ثمن المقاومة مهما كان كبيرًا، فهو أقل بكثير من ثمن الخضوع.

 

بدأ الخطاب بالحسين، ووصل إلى فلسطين، ومرّ باليمن، ولامس إيران وغزة ولبنان والعراق. لأنه خطاب يحكي عن أمة واحدة تُقاتل على جبهات متعددة، لكن باتجاه واحد: التحرر الكامل.

 

من هنا، لا يُفهم حديث السيد القائد على أنه مناسبة موسمية، بل هو إعلان استمرار في مشروع قرآني مفتوح المدى. فبينما تتساقط أقنعة الأنظمة، يرتفع صوت صنعاء، كما ارتفع صوت كربلاء، ليعلن أن المعركة لم تنته، لكنها باتت أوضح من أي وقت مضى: إما أن نكون مع الحسين، أو نكون في معسكر يزيد، وإن تعددت الأسماء.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com