مقالات

برز اليمن كله للظلم كله

برز اليمن كله للظلم كله

21 سبتمبر |احمد الشريف
في الوقت الذي رضي فيه العرب حكاماً وشعوبا أن يُلطخ الخزي والعار جبينهم بعد أن أثبتوا من خلال موقفهم المخزي إزاء ما يحدث في قطاع غزة بأنهم قد أصبحوا أمة عاجزة وغثاءً كغثاء السيل مصداقا للحديث الشريف

سيظل الدور اليمني في نصرة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المُربك لحسابات العدو الصهيوني والمُفشل لخططه هو الدور المحوري الممثل لمحور المقاومة الذي مورست عليه الكثير من الضغوطات لإجباره على التراجع عن مساندته للمقاومة الفلسطينية في غزة ومواجهة العدو الصهيوني وذلك لأسباب خارجة عن إرادته فُرضت عليه فرضاً نتيجة لتخاذل الحكام العرب الذين وصل بهم الإذلال لدرجة أن أصبحت رؤوسهم مطأطأة أمام أمريكا وربيبتها إسرائيل ولا يقوون حتى على رفعها وكأن أمريكا وإسرائيل بالنسبة لهم قد تحولت إلى إله يُعبد والعياذ بالله، وما حدث خلال زيارة دونالد ترمب لعدد من دول المنطقة يؤكد هذه الحقيقية حيث كان يتعامل معهم وكأنهم عبيُد لديه وليس أُجراء ينفذون له ما يريد، وهو ما يذكرنا بمقولة للإمام الخميني قائد الثورة الإسلامية في إيران- رحمه الله- تنطبق عليهم حرفياً مفادها: إن الأجُراء عادةً يتقاضون من أسيادهم أجوراً لقاء ما يقومون به من أعمال وما يقدمونه لهم من خدمات لكن أن يدفع الأجراء لأسيادهم ليستعبدوهم فهذا ما لم يحدث عبر التاريخ إلا في دول الخليج الثرية التي وضع حكامها أنفسهم في الحضيض وأهانوا شعوبهم.
إن الترليونات من الدولارات التي يدفعونها لسيدهم ترمب، والتي يبتزهم بها بحجة حمايتهم والدفاع عنهم لو وظفوها في بلدانهم وفتحوا بها مصانع لإنتاج السلاح وبنوا جيوشا حقيقية من أبناء شعوبهم يثقون بها لما احتاجوا إلى من يدافع عنهم وينهب ثرواتهم عياناً بل ويهينهم بتعييرهم أمام شعوبهم عندما يقول لهم لولا نحن لما كنتم موجودين، وعليهم أن يأخذوا العبرة من اليمن المُعتدى عليه والمحاصر منذ أكثر من عشرة أعوام بواسطة تحالف دولي تقوده أمريكا وتشارك فيه بقوة أثرى دولتين عربيتين السعودية والإمارات ومع ذلك فإن اليمن بفضل توكله على الله وحكمة قيادته الثورية وبسالة قواته المسلحة المدعومة شعبياً استطاع أن يُدافع عن نفسه وعن سيادته واستقلاله، ويواجه بشكل مباشر حتى أمريكا نفسها التي اعترف رئيسها المعتوه ترمب بهزيمتها أمام صمود ومقاومة القوات المسلحة اليمنية ومن وسط خضم ما فرض على الشعب اليمني من معاناة وتآمرات لم يسبق لها مثيل استطاع اليمن بفضل الله أن يتحول إلى قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب ويمتلك صواريخ فرط صوتية ليصبح البلد الخامس في العالم الذي يمتلكها وبفضل وجود هذه الصواريخ المصنعة محلياً تمكن الشعب اليمني من الثأر للشعوب العربية من العدو الصهيوني حيث أوصل صواريخه المباركة إلى عمقه وفرض على هذا الكيان الذي تعود جيشه أن يهزم كل الجيوش العربية التي كانت تواجهه في عدة أيام حصاراً اقتصادياً من الجو والبحر فقد جعلت صواريخ اليمن العديد من شركات الطيران العالمية تُوقف رحلاتها المعتادة إلى مطار اللد المُسمى إسرائيلياً مطار بن غوريون وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ هذا الكيان اللقيط مُنذ تأسيسه على أرض فلسطين قبل سبعة وسبعين عاماً كما أعلن اليمن فرض حصاره على ميناء حيفا أشهر الموانئ الصهيونية.
إن الموقف اليمني إزاء ما يحدث في قطاع غزة يزداد تعاظماً ولن تستطيع أية قوة أن تغيره أو أن تحرفه عن مساره الصحيح وقد جربت أمريكا أقوى قوة عسكرية واقتصادية في العالم وحاولت بقوتها العسكرية أن تثني اليمن شعباً وقيادةً وقوات مسلحة عن موقفه هذا خلال ما يُقارب الشهرين مستخدمة كل قدراتها حسب اعتراف رئيسها المجرم ترمب ولكنها فشلت في أن تحقق أي انتصار يدعم الكيان الصهيوني ويخفف عنه الضغط فكانت النتيجة أن هربت بوارجها وقطعها الحربية من البحر الأحمر بعد أن عجزت أن تحد من تصدي القوات المسلحة اليمنية لها حيث كانت صواريخ اليمن وطيرانه المسير تخوض أعنف المواجهات معها بحكمة واقتدار مما جعل الرئيس الأمريكي ترمب يُعلن في خطاب له من الرياض أمام محمد بن سلمان الذي يقود تحالف العدوان على اليمن مُنذ عشرة أعوام بأن اليمنيين الذين وصفهم بالحوثيين مقاتلين أشداء وهذا التصريح الترامبي في حد ذاته قد أرعب الثلاثي المتحالف ضد ما يحدث في غزة نتنياهو وابن سلمان وابن زايد وسبب لهم خيبة أمل كبيرة في وقت كانوا ينتظرون فيه أن يحقق لهم التدخل الأمريكي ما عجزوا عن تحقيقه مجتمعين ولكنه على العكس فقد أضاف لهم هزيمة أخرى تضاف إلى هزائمهم السابقة، وكذلك سبب صداعا وذعرا للعملاء والمرتزقة المرتبطين بهم الذين كانوا قد هللوا للتدخل العسكري الأمريكي والصهيوني متفاخرين بما قام به من تدمير للبنية التحتية والمنشآت الاقتصادية في العاصمة المحروسة صنعاء وعدد من المحافظات، ومن خلال نشوتهم بهذا العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن عادوا إلى التغني بنغمتهم التي ظلوا يرددونها لسنوات عدة: قادمون يا صنعاء وهم الذين لم يستطيعوا الوصول إلى عدن التي لم يكن أحد يمنعهم من الاستقرار فيها مفضلين العيش في فنادق الرياض وأبوظبي.
وكم كانت صدمتهم أيضا عنيفة عندما أعلن ترمب بنفسه فشل قواته الأمريكية في تحقيق الأهداف التي شنت العدوان على اليمن من أجلها وفي طليعتها دعم الكيان الصهيوني وحمايته وطالب هو شخصياً عبر وساطة سلطنة عمان بوقف إطلاق النار بين القوات الأمريكية والقوات المسلحة اليمنية وبات لليمن كلمته التي أصبحت مسموعة وجعلته حديثاً لكل العالم مشيدين بشجاعة شعبه وحكمة قيادته وبسالة قواته المسلحة بكل أفرعها وإن كانت المشكلة لم تعد في إسرائيل التي لولا الدعم الأمريكي والغربي لها لما استطاعت أن تقف شهرا واحداً أمام المقاومة الفلسطينية المدافعة عن حق شعبها وأرضه المحتلة فالمشكلة أصبحت مع الحكام العرب الجبناء وتبعية شعوبهم لهم الذين اختفت من قاموسهم حتى كلمات الشجب والاستنكار، وانطلاقاً من هذا الضعف الذي أصابهم فقد تحداهم مسؤول صهيوني أن يدخلوا كيلو أرز واحد إلى قطاع غزة المحاصر الذي يموت سكانه جوعا إضافة إلى المئات ممن يستشهدون يومياً بالقنابل الحارقة الأمريكية على أيدي الجيش الصهيوني ومن المفارقات أن قادة صهاينة بدأت ترتفع أصواتهم ضد جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها بنو صهيون واصفين إياها بأنها ترقى إلى جرائم حرب بينما الأنظمة العربية وحكامها صامتين معبرين بسكوتهم عن رضاهم وموافقتهم المُسبقة عما ترتكبه إسرائيل من مذابح في حق أبناء غزة ومنتظرين متى يتم تهجيرهم وهذا عار ما بعده عار.

التالي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com