العرض في السلايدرمقالات

  مثقفون أم هجين مشوه ؟ .. بقلم: عبدالمجيد عزيز

21 سبتمبر || مقالات …

التقيت ذات مرة بمجموعة أصدقاء من منطقة أخرى وكنا بمرحلة الثانوية، وفي خضم حديثنا تذكرت شخصا قريبا من دائرتهم الاجتماعية ضاع حضوره بعد أن كان موهوبا ومتميزا في أحد المجالات الإبداعية وقد بلغني خبرا سيئا عنه فسألتهم عنه ..
فقالوا: ذهب مع جماعة من أهل الثقافة والأدب فأصابته عدوى المجون وضاع إبداعه وتلاشى حضوره..
يااااه لقد خسر نفسه وخسرنا دوره وتميزه.

مرت السنون ومرت معها الكثير من دوائر الأحداث وحركة الحياة وذاكرتنا تراقب من قريب وبعيد ولا ترى للثقافة والأدب في واقع اليمن تحت ظل النظام السابق مشهدا يقلل من تلك العتمة ..
أديب مبدع ارتبط بدعاة الثقافة والأدب فضاع عقله وفكره وثقافته وهويته وإبداعه ..
وأديب مبدع آخر يعاني الهضم والتغييب لأنه لا يمشي في ركب الثقافة المطبلة للنظام ولم تصغه قوالبها..

إنها حالة توضح شيئا بسيطا من رداءة احتكرت الثقافة والأدب اسما ورسما، وأشبعت ذلك المعنى الجميل دنسا وزيفا وتشويها وجعلته مختزلا في: صوت غانية تعوي في التلفاز، أوشاعر يتكلف في مدح الرئيس، وناهق يتغنى بميلاده، وراقصون مع راقصات يغنون ويتمايلون سويا في الشاشة قبل نشرة الأخبار بطريقة تثير الغثيان.

وخلف الكواليس مجموعة لها وجوه شاحبة تلتقي في مقيل لتدخن مداعة أو تشرب جعة، وتهتز طربا على عود وصوت بائس وبينهم من يردد شعرا للبردوني أو لجحاف وهو لا يفقه معناه،
وفي مكان آخر تلتقي مجموعة تدخن سيجارا مخدرا بينها شخص منفوش الشعر وآخر لديه شعر مخنفس ممطوط من جوانب رأسه حتى منتصف الفكين وثالث يتفاخر ببنطال مفتوح من الأسفل كالميكروفون يتلاطم في رجليه كما تتلاطم سبلة نعجة فيما تدوي في أرجاء المكان موسيقى غربية صاخبة …

أما النخب ومسؤولوا المشهد فيصنعون تفاصيله بالأماسي الحمراء والزرقاء والجلوس فوق الكراسي وخلف الطاولات في حفلات العشاء وتقطيع التورتات وتكريم المطبلين والمطبلات لتخرج بعدها تقارير الانجازات الثقافية الكبيرة محملة بفواتير أرقامها مئات الآلاف تدفع من خزينة الشعب وحقوق المحرومين.

في زمن سابق كنت حين أكتشف تلك المشاهد أو أسمع عنها أرجعها إلى لعنة التفلت التي أصابت الماضي والحاضر ..
ومع مرور الزمن وقيام العدوان وظهور الأحداث الحالية وجدنا أولئك المشوهون يحملون النصب بصور متفاوتة؛ فعرفت أن الأمر أبعد من ذلك..
نحن أمام سفاح بين كل سيئات الماضي والحاضر ولا يقتصر الأمر على لعنة التفلت فقط، سفاح رعته قصور الرئاسة والملك، واختلطت فيه كل السفاهات الموروثة القادمة من القصور الأموية والعباسية باسم الدين والثقافة والأدب، مع سفاهة الغرب وانحطاطه وتفلته .. فأنتجت “خالد الرويشان” و “علي البخيتي” ومن شابههما.

هجين مشوه يحول البشر إلى دواب شهوانية تنطح في ظهر الدين، وتتطاول على المقدسات، وتفسد الهوية، وتغرر على العقول، وتبيع الأوطان، وتصفق للمعتدين والمحتلين..

ثقافتها ليست بأكثر من نص عبثي يكتب ساعة مجون على مشهد لتمايل الأرداف،
أو طلاء ملمع لأصحاب الفخامة والمعالي، أو بضاعة علمانجية تخفي خلفها زعانف النصب والحقد الطائفي، أو سطور متخمة بمظاريف الحوالات القادمة من أمراء النفط.

النتاج المشوه كثير وعبؤوه ثقيل وإزالته ستأخذ أمدا طويلا .. ولا بد من طعم العلقم حتى ينقشع غباره عن اليمن.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com