الساعات الأخيرة مع الشهيد الخيواني .. بقلم / عابد المهذري
21 سبتمبر
في مثل هذا الوقت بالضبط من المساء كنا مع بعض .. أوصلته الى المكتب السياسي بالجراف و ذهبت للبيت لأستيقظ على الخبر الفاجعة بإغتياله .
عصر أمس الاربعاء كنت و عبدالكريم الخيواني نتجاذب المزاح و النقاش و الحشوش في مقيل القات الذي أتى اليه كعادته متأخرا بعض الشيئ ..و عصر اليوم وجدت نفسي مذهولا و انا أقبل وجهه الباسم و قد أصبح مسجى في ثلاجة موتى المستشفى العسكري .
أحاول جاهدا ان أبكي و أعبر عن حزني الشديد فلا أستطيع .. اذ ان شعور ما ينازعني بأن وفاة و رحيل الاستاذ و المناضل الكبير عبدالكريم الخيواني مجرد خبر كاذب أخادع به نفسي و اتعامل مع الصدمة بأنها خيال عابر و كأنني سأسمع صوته بعد رنتين من اتصالي به او سأقرأ رسالة منه على خاص في الفيسبوك عندما يدخل صفحته بعد منتصف الليلة .
أمس كنا سويا في منزل طارق المطهر .. نضحك و نتجادل و نتراشق بالكلمات التي تعودت من أخي و استاذي الشهيد عبدالكريم الخيواني كلما تعمدت استفزازه و محانبته ان يرد علي ضاحكا بالقول : يلعن ابو شيطانك .
يا عم طارق .. عبدالكريم مات .. استشهد .. أغتيل .. قتل .. هل أصدق النبأ المشؤوم و أنسى انه كان معنا في مقيل أمس ؟!
آه ما أقساها من لحظات صعبة و انت ترى الدموع في وجوه زملائك و اصدقائك .. محمد الصفي و حامد البخيتي و عبدالفتاح حيدرة و فؤاد العماد في حالة هستيرية بمدخل مستشفى العلوم و في المستشفى العسكري ينفجر طارق المطهر بالبكاء و هو يحضنك فلا تدري من تواسي نفسك ام صديقك ام نجليه حمود و حمزة اللذان جاءا رغم صغر سنهما لالقاء نظرة الوداع على عمهم عبدالكريم .
علياء الشعبي تصرخ بألم : قتلوا أبونا .. مختار جدبان و حسين العماد و حشد كبير من الناس يمتلأ بهم فناء المستشفى و لا حديث الا عن عبدالكريم .. الشهيد و الفقيد و الصديق .. الصحفي و السياسي و المناضل .. القلم و الكلمة و الرصيد الحافل بالتضحيات و المآثر .
كان وجهه باردا و نحن نقبل جبينه و الابتسامة تبرق من محياه وسط الاكفان ..
كنا نرتعش و هو كما عهدناه ثابتا لا يهتز و لا يتزعزع متماسكا قويا ..
كنا مذهولين من هول الفاجعة و هو كأنه يريد ان يذكرنا بما قال لنا في مقيل أمس و نحن نشاهد فيلم صفاء الاحمد في البي بي سي عن انصار الله .. و ماذا طلب منا و ماذا أرادنا ان نفعل .. تفاصيل صغيرة تتجبر كل من عرف الشهيد الخيواني من محبيه و خصومه ان يستعيد ذكرياته معه .. ذكريات ندية بالصدق و الشهامة و الوفاء .
لم استوعب حتى الآن انه رحل عنا للأبد .. ربما سيخرج بعد قليل من المكتب السياسي الذي تركته البارحة فيه و يتصل بي لأوصله معي على طريقي .
بيد ؛ انه بالتأكيد ؛ هو الذي سيوصلنا معه على طريقه نحو المجد و الشموخ و الشهادة .