اخبار محليةالعرض في السلايدرتقارير

خطاب السيد القائد.. رؤية استراتيجية متكاملة في لحظة فارقة من الصراع مع العدو الصهيوني

21 سبتمبر /  خاص

تكتسب الكلمة الأخيرة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أهمية استثنائية في ظل التصعيد الإسرائيلي الحاد على قطاع غزة، والتوترات الإقليمية المتصاعدة التي تعيشها المنطقة. تعكس هذه الكلمة رؤية واضحة وثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وتؤكد على الموقف الرافض لأي محاولة للتطبيع أو التنازل عن الحقوق الوطنية للقضية العربية المركزية. كما تكشف الكلمة عن أبعاد عسكرية واستراتيجية مهمة، عبر التأكيد على قدرة القوات المسلحة اليمنية على الرد الحازم والعمليات النوعية ضد الأهداف الإسرائيلية، مما يبعث برسالة قوية على الصعيدين الإقليمي والدولي. إضافة إلى ذلك، تتناول الكلمة نقدًا لاذعًا للأنظمة العربية والإسلامية التي ما تزال تتحلى بالصمت أو التخاذل إزاء المجازر المتواصلة في غزة، الأمر الذي يبرز تحديات حقيقية تواجه الوحدة والتضامن العربي والإسلامي.

في ضوء هذه المضامين، تمثل الكلمة موقفًا راسخًا يترجم إرادة شعب اليمن في دعم فلسطين، ويطرح رؤية استراتيجية لمواجهة العدوان الإسرائيلي بكل الوسائل الممكنة، سواء على المستوى العسكري أو الشعبي.

 

الموقف السياسي والإيماني الراسخ

أكد السيد القائد أن الموقف اليمني في دعم غزة نابع من منطلق إيماني وأخلاقي لا يخضع لأي مساومات سياسية أو ابتزاز عسكري. هذا الموقف الثابت لا يتغير أمام العدوان أو الضغوط، وهو جزء من الهوية القيمية والثقافية للشعب اليمني. واعتبر أن العدو الإسرائيلي، رغم شنّه 22 غارة جوية على موانئ الحديدة، فشل في فرض أي شكل من أشكال الردع أو التأثير على موقف اليمن، بل إن تلك المحاولات لم تزد اليمنيين إلا إصرارًا وثباتًا.

 

كما وجّه السيد القائد انتقادًا شديدًا للأنظمة العربية والإسلامية التي تكتفي بالصمت أو البيانات الباهتة تجاه جرائم الاحتلال، واصفًا ذلك بأنه تخاذل مخزٍ ومؤشر على الانحدار القيمي والضعف في الوعي الديني والإنساني. ودعا إلى استنهاض الأمة من خلال تفعيل الخطاب التوعوي والديني، لتحمل المسؤولية الأخلاقية والشرعية في نصرة فلسطين وقضاياها العادلة.

 

فاعلية العمليات اليمنية وتكتيكات الردع

تناولت الكلمة الإنجازات العسكرية اليمنية ضد كيان العدو ضمن ما وصفه السيد القائد بجبهة “الإسناد اليمني”، في إطار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”. القوات المسلحة اليمنية نفذت خلال الأسبوع المنصرم عمليات نوعية بـثمانية صواريخ باليستية وفرط صوتية، بالإضافة إلى طائرات مسيّرة، استهدفت مواقع استراتيجية أبرزها مطار “بن غوريون” المحتل.

 

وأكد السيد القائد أن هذه العمليات أحدثت حالة من الإرباك النفسي والسياسي داخل كيان الاحتلال، مشيرًا إلى أن صفارات الإنذار دوّت في معظم المدن المحتلة، وأن الملايين من المستوطنين فرّوا إلى الملاجئ. كما أدت هذه الضربات إلى تمديد شركات الطيران الأجنبية لتعليق رحلاتها، ما يعبّر عن نجاح تكتيكي يمني في التأثير على البيئة الاقتصادية والسياسية للعدو.

 

وأوضح أن هذا النجاح يعكس عجز العدو عن ردع اليمن، وأن كل ما يمتلكه الاحتلال هو التوحّش والإجرام، بينما تفشل عملياته الميدانية في تحقيق الأهداف. وقد وصف الجيش الإسرائيلي بأنه “أجبن جيش في العالم”، يعوّض ضعفه بالقتل الجماعي وتدمير البنية التحتية في غزة قبل أي تقدم ميداني.

 

الكارثة الإنسانية في غزة وصمت العالم

وصف السيد القائد الأسبوع الأخير في غزة بأنه من أكثر الأسابيع دموية منذ بدء العدوان، حيث استشهد وجرح أكثر من ثلاثة آلاف مدني، معظمهم من النساء والأطفال. كما استُهدفت المنازل والمستشفيات ومراكز الإيواء بشكل مباشر، ووقعت جرائم بشعة بحق العائلات الفلسطينية، وسط صمت دولي وعربي مخزٍ.

 

وتحدث عن سياسة التجويع والتعطيش التي يتبعها العدو بشكل ممنهج، مشيرًا إلى أن غزة تشهد حالة مجاعة كارثية، حيث تتناول معظم العائلات وجبة واحدة كل يومين، وسط انعدام شبه تام للمياه النظيفة والكهرباء والخدمات الصحية. كما أشار إلى تعمّد الاحتلال قصف آبار المياه ومنع إصلاح البنية التحتية، مما يشكّل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان.

 

وأكد السيد القائد أن الصمت على هذه الجرائم يسهم في تمادي العدو، ويُعد مشاركة غير مباشرة في الجريمة، وحمّل الأمة الإسلامية مسؤولية دينية وإنسانية جسيمة، داعيًا إلى تجاوز الصمت والتحرك الجاد على المستويات الشعبية والسياسية.

 

التحديات الإقليمية ومواجهة التطبيع وخيانة الأمة

أحد أبرز ما كشفته كلمة السيد القائد هو الإشارة الخطيرة إلى وجود دولتين – إحداهما عربية والأخرى إسلامية – تمثلان المصدر الأساسي الذي يعتمد عليه العدو الصهيوني في تزويده بالمواد الغذائية والبضائع عبر البحر الأبيض المتوسط. وأكد أن العدو يعوّل بشكل رئيسي على هاتين الدولتين في كسر الحصار الذي يفترض أنه مفروض عليه، ما يعد خيانة صريحة للشعب الفلسطيني وتواطؤًا مكشوفًا في إدامة آلة الحرب والإبادة.

 

كما انتقد مشاركة النظام المغربي في تدريبات جوية مع العدو الإسرائيلي، معتبرًا أن هذا السلوك يمثل تورطًا رسميًا في التطبيع وخيانة للقضية الفلسطينية، وانفصالًا عن إرادة الشعوب التي ما تزال ترفض الاحتلال بكل أشكاله.

 

وأشار السيد القائد إلى الدور الغربي، لا سيما الأمريكي والبريطاني، في تسليح ودعم العدو، مؤكدًا أن البيانات الشكلية لا تكفي، وأنه لا بد من اتخاذ خطوات عملية، تشمل وقف التسليح، فرض العقوبات، وقطع العلاقات الاقتصادية مع الكيان الصهيوني.

 

ودعا السيد القائد إلى تصعيد الجهود الإعلامية والثقافية والدينية في مواجهة التطبيع، والعمل على إعادة ربط الأمة بثقافتها الإيمانية وقيمها الأخلاقية، مؤكداً أن الحرب الناعمة قد أضعفت الوعي ودفعت الأمة إلى التخاذل.

 

خاتمة

كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي تمثل رؤية استراتيجية متكاملة في لحظة فارقة من الصراع العربي الصهيوني. فهي خطاب يجمع بين الثبات السياسي، والردع العسكري، والتأصيل القيمي، والتحفيز الشعبي، في مواجهة مشروع الاحتلال والتطبيع. وهي في جوهرها دعوة لكل أحرار الأمة لأن يتحملوا مسؤولياتهم التاريخية، بعيدًا عن التواكل أو الشعارات الخاوية.

 

إن ما يميز هذه الكلمة ليس فقط وضوح الموقف، بل قدرتها على تحويل الخطاب إلى أداة تعبئة وتوجيه، وبيان سياسي يعيد ترتيب أولويات الأمة. ومن خلال التذكير بأن اليمن، رغم الحصار والتحديات، يواصل وقوفه مع غزة، يرسّخ السيد القائد معادلة جديدة مفادها أن الالتزام بالقضية لا يقاس بالإمكانات، بل بالإيمان والموقف.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com