القضية الفلسطينيةتقاريرمقالات
عندما تضاف”الصفقة” الى سلسلة “صفعات ” كيف ستكون الخاتمة ؟!
عندما تضاف”الصفقة” الى سلسلة “صفعات ” كيف ستكون الخاتمة ؟!
21 سبتمبر / خاص/ من: عبدالرحمن هاشم اللاحجي
لم يكن مفاجاً ابداً بأن يدلي وزير الخارجية السعودي /عادل الجبير اثنا ء تواجده في بروكسل بتصريحات خيالية- مضحكة لصحيفة “بوليتيكو” الامريكية تضمنت عرضا سعوديا لدولة روسيا الاتحادية بمنحها حصة في “الشرق الاوسط” مقابل تخليها عن نظام الرئيس السوري بشار الاسد .!
قبل ان نشرح اسباب وصفنا لتلك الاحداث بالخيالية والمضحكة دعونا اولاً نتابع ردود الافعال الروسية تجاه تلك الصفقة (ولعل هذا سبب تأخرنا عن كتابة المقالة حتى اللحظة )، وقبلها ردود افعال الدول المعنية القابعة في الشرق الاوسط والتي يزيد تعدادها عن 30 دولة اذا ما اضفنا لها دول شمال افريقيا حول اساءات الجبير الاخيرة لسيادتها وكرامة شعوبها عندما ضمّنها في تصريحاته الاخيرة بقوله: “وننشر هنا ماقاله بالنص :” مستعدون لاعطاء حصة لروسيا في منطقة الشرق الاوسط يمكن ان تحولها الى قوة اعظم بكثير بالمقارنة مع الاتحاد السوفيتي مقابل تخليها عن الرئيس الاسد، مضيفا “ان ما يخدم مصالح موسكو هو تعزيز علاقاتها مع الرياض وليس مع الاسد”.
مثلما لم تفاجئنا تلك التصريحات الهامشية نتيجة معرفتنا الدقيقة بشخصية طريفة كشخصية السيد/ الجبير والتي يغلب عليها التهريج والهذيان في اغلب الاوقات، لم نتفاجأ ايضا بالصمت الروسي تجاهها فبالرغم من مرور اكثر ثلاثة ايام عليها لم تقل القيادة الروسية رأيها حول مدى قبول هذا العرض او رفضه، ويبدو بأنها لم تتوقف عنده ولم تعيره اي اهتمام، مثل كل العروض السابقة التي حملها اليها مسؤولون سعوديون اعلى رتبه منه ، ونخص منهم، الامير محمد بن سلمان، وقبله الامير بندر بن سلطان بن عبد العزيز، عندما كان رئيسا للمخابرات، ومجلس الامن القومي، والمسؤول عن ملف الازمة السورية وتسليح المعارضة ، كما لم تفاجئنا مواقف الدول الشرق اوسطية الصامتة ازاء تلك الخزعبلات الفارغة (باستثناء ايران التي تجنبت الحديث عن تلك الصفقة، ووصفت الجبير وعلى لسان المتحدث باسم وزير خارجيتها ب”الشخص الذي يعيش اياماً صعبة” ).!
الدول الشرق اوسطية والتي تشمل دولاً عظمي كباكستان ومصر و..الخ كانت مطية لشمول تلك التصريحات عندما عرض اراضيها السيد الجبير للبيع بالمزاد العلني للدولة الروسية الاتحادية لكنها كما يبدو فضّلت الصمت هذه المرّة ربما لأنها تعرف هرطقاته مسبقاً فقد سبق وان تفاجأت عند تأسيس “التحالف الاسلامي” الذي جرى تشكيله، والاعلان عنه، فجر احد الايام في مطار الرياض من قبل ولي ولي العهد السعودي، ولم يمت في حينها، بل قوبل بالإزدراء من تلك الدول المعنية التي سمعت انباء عضويتها فيه من اجهزة الاعلام السعودية، ووصفته احداها بالتحالف الاهوج حينها استقبلت الرياض تلك المواقف القوية على خجل وداست رأسها في الرمال كالنعامة ويبدو بأن تلك الانتكاسة العويصة التي بلغت اقصاها بفشل عاصفة الحزم وهبوط اسعار النفط وفرض استراتيجيات تقشف على المواطن السعودي ” قد جعلت الامراء السعوديين يشطحون في خيالاتهم دون أي حسابات لردود افعال الآخرين اقتداء بالمثل القائل :” لا يضر الشاه سلخها بعد ذبحها “.!
هناك اصوات تحليلية ارتفعت يمنية وغير يمنية محللة ومفسرة لصفقة الجبير الاسطورية الاخيرة لتحصر “الشرق الاوسط ” الذي عرضه في مستهل مقابلته الشاذة على الصحيفة الامريكية “الأكثر حظاً من اللقاء ” في قاعدة عسكرية يمنية قالت بأنها تقع بالقرب من تعز وتحديدا: “في مضيق باب المندب حيث تسحب المملكة يوميا عشرات الجثث من اسفل جبال كهبوب وتُحرق على تخومها عشرات المدرعات وتُسقط اعداد كبيرة من الاباتشي والبلاك هوك بصورايخ بدائية – يمنية يعود تاريخها للحرب العالمية الاولى .
ما يفكّر به الجبير اقرب لأحلام اليقظة منه للواقع الملموس خصوصا مع عودة الحرب للحدود اليمنية – السعودية ودخول الجيش اليمني مسافات طويلة في العمق السعودي وما يبعث على الضحك هو ان المملكة التي يحاول ان يصورها السيد الجبير بانها: “قوّة عالمية عظمى باتت تعيش اوضاعا داخلية صعبة وتزداد تلك الاوضاع سؤ مع اعلان السفارة الامريكية مؤخرا عن اجلاء رعايها من الرياض تحسباً لعمليات انتحارية قد تستهدف حلبات سيركها الاميرية المدهشة .!
كل دول العالم بلا استثناء باتت تدرك حجم الهوس السعودي الذي ارتفعت حدته بدرجة كبيرة عند تولي الملك سلمان الحكم وتسليمه زمام الأمور لنجله الاكبر واولها دول الخليج التي تماهت بشكل كبير مع المارد السعودي المهووس وتباينت مواقفها بين الصمت تجاه الشطحات السعودية الكبيرة تارةً، والتحذير من نتائج كارثية ستجر البلد الى مستنقعات لايحمد عقباها تارة اخرى وهي بذلك تنصح وتسدي المعروف وبلا ثمن، ونحن بدورنا نشاطر تلك الدول المعنية صمتها وننصح عندما تستدعي الحاجة ذلك وبلا ثمن ايضا مع قناعاتنا بأنه لن تكون لنصائحهم ونصائحنا أي جدوى، ولكن: لنقم بالواجب على الأقل !