حقول النفط في شبوة.. ثروة قومية تنهشها صفقات البيع والشراء

21 سبتمبر:
في شبوة النفطية طال النفوذ حقول النفط والموانئ والمنشآت النفطية الحيوية، وسلطت معظم التقارير الاقتصادية الضوء على المحافظة الغنية باعتبارها تشهد حالة من غياب الرقابة على أنشطة عدد من الشركات النفطية الدولية.
تمثّل شبوة المنتج الثاني للنفط في اليمن بعد حضرموت بمعدل إنتاج 60 ألف برميل يومياً، وتُعد ثاني محافظة في البلاد إنتاجاً للغاز بعد مأرب، والأولى من حيث احتياطي الغاز، كما تمثّل شبوة بيئة خصبة لاستكشافات النفط والغاز قليلة التكلفة، إلى جانب الموانئ النفطية ونظام “بيب لاين” الذي يسمح للشركات الدولية بضخ النفط من خزانات ضخمة إلى الموانئ لتزويد السفن والبيع.
وبحسب الدراسات التي اطلع عليها مرصد “بقش”، فإن أبرز القطاعات النفطية بشبوة هي: قطاع S2- العقلة (تديره شركة OMV النمساوية وكان ينتج 20 ألف برميل يومياً)، قطاع S1- بيحان (تديره شركة أوكسيدنتال Oxy الكندية وكان ينتج 10 آلاف برميل يومياً)، قطاع 5- جنة هنت- عسيلان (كانت تديره شركة هنت جنة الأمريكية وكان ينتج 30-40 ألف برميل يومياً)، قطاع 10- شرق شبوة المشترك بين القطاع الحكومي والخاص (تديره شركة توتال الفرنسية وكان ينتج 50 ألف برميل يومياً)، وقطاع 4- منطقة عياذ (تديره الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية الحكومية).
المقاولون الأجانب ينهشون الخام برعاية حكومية
يرى خبراء النفط أن شبوة تخلو من الإدارة الصحيحة للحقول النفطية من قبل شركة وطنية خاصة بأبناء شبوة.
وينقل موقع “سوث24” للأخبار والدراسات عن رئيس نقابة الهيئة العامة لاستكشاف وإنتاج النفط والأمين العام للنقابات العامة للنفط والمعادن، محمود محمد سعيد، قوله بأنَّ حكومة عدن تتحمل مسؤولية ما وصفه “فساد الشركات الدولية”.
يقول سعيد إن تعمُّد تغييب دور الهيئة العامة للاستكشافات النفطية من قبل الحكومة ووزارة النفط تحديداً قد غيَّب جميع التفاصيل الهامة عن هذه الشركات الدولية وأثرها ودورها، مؤكداً أن ذلك فساد مطلق وواضح وضوح الشمس.
فاتساع رقعة الفساد في ملف النفط بشبوة، بحسب النقابي سعيد، يعود سببه للتدخلات في صلاحيات الهيئة العامة للاستكشافات النفطية، إذ حدثت أغلب قضايا الفساد المكتشَفَة بعد أن قررت بعض الشركات الدولية النفطية ترك القطاعات التي كانت تستثمر فيها، وبدلاً من أن تعود ملكية تلك القطاعات إلى الهيئة العامة للاستكشافات النفطية، يتم إنشاء شركات محلية من الباطن.
يواصل رئيس نقابة هيئة استكشاف النفط حديثه مؤكداً أن هذه الشركات التي يتم إنشاؤها لا تعود واردات مبيعاتها من خام النفط إلى وزارة المالية أو بنك عدن المركزي أو خزينة الدولة، وإنما تتبع شخصيات في رئاسة الجمهورية سابقاً.
من هذه الشركات، شركة كنديان نكسن التي تحوَّلت حصتها إلى بترومسيلة، وشركة هنت التي تحولت حصتها إلى صافر، بالإضافة إلى شركات كثيرة ضُمت إلى ملكية أعمال بترومسيلة نظير ما حدث في قطاع المسيلة بحضرموت الذي كانت تستثمر فيه شركة توتال.
وما يزيد الأوضاع سوءاً، هو أن الشركات الدولية تعمل وفقاً لـ”قانون القوة القاهرة” الوارد في اللائحة التنظيمية لوزارة النفط والمعادن اليمنية، والذي يسمح للشركات بإيقاف أنشطتها في القطاعات النفطية عند حدوث حرب أو كوارث طبيعية، وهو ما عملت عليه الشركات بتعطيلها قطاعات إنتاجية لسنوات دون تشغيل القطاع أو التنازل عن حصتها لشركات إنتاجية أخرى.
مخلفات النفط وإحراق الغاز | كارثة صحية قادمة
يتكرر مشهد انتشار المخلفات النفطية بالأكوام، في أكثر من مديرية في شبوة، وهو ما يثير قلق الشارع حتى يومنا هذا، بسبب الآثار الكارثية لتسرب مخلفات النفط، والتي من أبرزها اختلاط المياه العذبة بالكميات المتسربة.
يؤكد شهود عيان لـ”بقش” أن المواطنين من الذين يملكون آبار مياه في منازلهم للشرب والري، يعانون من تسرب كميات النفط المارّ بالمدن لتختلط مع مياه الآبار لتصبح غير صالحة للاستهلاك الآدمي.
وفي مايو 2022، أكدت إدارة حماية البيئة في شبوة أنَّ ثمة مشكلات ناجمة عن التسرب النفطي من أنبوب نقل النفط من منطقة عياذ إلى ميناء النشيمة على البحر العربي، مروراً بعدد من العزل والبلدات ومن ضمنها مدينة عزان ثاني أهم مدن شبوة، وعندما رفعت الإدارة بتقارير للجهات العليا المتمثلة في السلطة المحلية لم يتم التجاوب معها.
ناقلات نقل النفط أيضاً تمثل مشكلة في المحافظة، حيث تم تسجيل انقلاب عدد من الناقلات وحدوث انسكاب نفط منها بأحجام كبيرة ومتوسطة وصغيرة، مما أثر على حياة المواطنين والحياة البرية.
ومن الكوارث التي تواجهها المحافظة هي أن الشركات النفطية تعمل بمعايير سيئة منذ أن عادت إلى إنتاج النفط في شبوة، وتحديداً في حقل العقلة، بعد نحو ثلاث سنوات من اندلاع الحرب، وفقاً لإدارة حماية البيئة.
بقش