مقالات

مشاورات جنيف .. هل من آفاق حقيقية؟ بقلم/ حميد رزق

21 سبتمبر | كتابات 

تنطلق الخميس المشاورات اليمنية في جنيف وسط انخفاض سقف التوقعات والرهانات لدى مختلف اﻷطراف بعد جوﻻت تفاوضية سابقة لم تتسم بالجدية وافتقرت لعوامل بناء الثقة .

يوم أمس صدر قرار رئيس المجلس السياسي اﻷعلى مهدي المشاط بتعيين أعضاء الوفد المفاوض الممثل للمجلس السياسي اﻷعلى في صنعاء برئاسة محمد عبد السلام وبمشاركة أحزاب ومكونات عديدة أبرزها المؤتمر الشعبي العام وقيادات في الحراك الجنوبي .

يلحظ أن المبعوث الدولي مارثن غريفيث يسعى للاستفادة من تجربة سلفه ولد الشيخ ولذلك لم يرفع سقف الطموحات واﻻمال واكتفى بالحديث عن مشاورات غير مباشرة لمدة ﻻ تتجاوز اربعة أيام تتمحور مداوﻻتها حول ” عوامل بناء الثقة ” المتصلة بالجانب اﻻنساني كاﻷسرى وتسهيل إيصال المساعدات وصرف المرتبات .

رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام حرص في مناسبات عديدة للتقليل من مستوى التوقعات المعقودة على مشاورات جنيف وقال في لقاء مع قناة ” المنار :” ” انها مشاورات وعبارة عن تحديث أفكار وليست مفاوضات تفضي إلى حلول جادة .” بينما توقع خالد اليماني وزير خارجية وفد الرياض إحراز تقدم في ملف تبادل اﻷسرى قائلا ” أن الفرصة كبيرة لتحقيق نجاح باﻹفراج عن اﻷسرى .”

هناك من يطرح سؤال حول لقاء جنيف، فهل هو تعبير عن رغبة أممية بلورتها جهود المبعوث الدولي الذي يريد تحريك المياه الراكدة وتسجيل نقاط في سجله السياسي والدبلوماسي كون المسافة الفاصلة بين ما يجري على اﻷرض وبين لقاء جنيف واسعة.

ومن غير المعروف إلى اﻵن ما اذا كان تحالف العدوان السعودي اﻻمريكي يمتلك قناعة حقيقية بضرورة اتاحة الفرصة للمشاورات التي تفضي الى حلول سياسية أم ﻻ يزال يرى في المشاورات وسيلة من وسائل الضغط السياسي للتعويض عن الفشل الميداني باﻹضافة إلى امتصاص اﻻنتقادات الدولية جراء تفاقم المأساة اﻹنسانية في اليمن .

بحساب نتائج الحرب والعدوان على اليمن المؤشرات من اﻻرض ترجح استمرار العدوان والفشل المبكر لمشاورات جنيف التي لن تكون أحسن حاﻻ بحسب بعض المراقبين من مفاوضات الكويت التي استمرت زهاء ثلاثة شهور وأخفقت بعد جهود مكثفة توجت بتصورات كادت تفضي إلى حلول لوﻻ تدخل دول التحالف السعودي اﻻمريكي التي راهنت على الحسم العسكري ما لم تحصل على استسلام من قبل ” انصار الله ” وحلفائهم في طاولة المفاوضات .

ﻻ تزال نظرة السعودية واﻻمارات لقضايا التفاوض باعتبارها طاولة ضغط ﻻ مائدة نقاش ندية تقتضي تقديم تنازﻻت من كل اﻻطراف تغليبا للمصلحة اليمنية العليا وبالتالي من غير المتوقع في ظل مخاوف السعودية من نتائج الفشل العسكري ان تفضي مشاروات جنيف او غيرها الى نتائج حقيقية وملموسة .

يذكر ان دول ما يسمى التحالف بعد استنفاذ غالبية أوراقها العسكرية لجأت الى الضغط اﻻقتصادي وانتهاج سياسة التجويع بتشديد الحصار والتأثير على سعر العملة المحلية اﻻمر الذي ينذر بكارثة انسانية اكبر واخطر مما هو حاصل حتى اﻻن برغم تصنيف اﻻمم المتحدة للحالة القائمة في اليمن باعتبارها المأساة اﻻنسانية اﻻكبر في العالم .

ومن وجهة نظر المتفائلين فإن قضية اﻷسرى والمعتقلين ستكون نقطة اﻻمتحان لمشاورات جنيف وفي حال نجح المبعوث الدولي في رعاية اتفاق ينهي هذا الملف اﻻنساني فباقي ملفات بناء الثقة مثل ايصال المساعدات ستكون اسهل، يليها قضية المرتبات التي يحاول وفد الرياض ربطها بوقائع ميدانية اﻻمر الذي يعني عرقلة اي تقدم في هذا الملف المتعلق بحياة ملايين اليمنيين .

وفد الرياض يسعى الى ربط قضية المرتبات بميناء الحديدة وهو ما ﻻ يقبل النقاش والمساومة لدى وفد القوى الوطنية .

وعلى كل حال وأيا كانت نتائج مشاورات جنيف فالقول الفصل للميدان والمعركة المحتدمة على اﻻرض وفيما تبدو القوى الوطنية مطمئنة اكثر من اي وقت مضى خاصة بعد فشل معركة الساحل الغربي وبعد قصف ابو ظبي ودبي وقبلهما الرياض يبدو تحالف ال سعودي في وضع ﻻ يحسد عليه

. يذكر أن المشاورات اﻷولى بين وفدي الرياض والقوى الوطنية التي تواجه تحالف العدوان السعودي اﻻميركي عقدت في 16 من حزيران / يونيو من العام 2015 وانتهت في 19 من الشهر نفسه، أما ” جنيف “2 فقد بدأ في 15 كانون اﻷول / ديسمبر 2015 ، وحتى 20 من الشهر ذاته.

 

حميد رزق.. اعلامي وكاتب يمني

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com