اخبار محليةالعرض في السلايدر

أنظمة الدفاع الصاروخي التابعة للرياض : فرص إستراتيجية

 

21 سبتمبر – متابعات –  ترجمة أحمد عبدالرحمن قحطان

تحتاج المملكة العربية السعودية لأنظمة الدفاع الصاروخي لحماية أراضيها من الخصوم. وفي حين أن الولايات المتحدة هي الخيار الواضح كمورد أساسي لهذه الأنظمة، الا ان الأن يبدو بأن روسيا وإسرائيل قد دخلتا على خط هذا السباق.

الاتفاق النووي الإيراني، وبرنامج طهران لتطوير الصواريخ (الذي استمرت فيه بالرغم من قرارات مجلس الأمن الدولي) وأزمة اليمن الجارية – حيث يستخدم المتمردون الحوثيون الصواريخ الباليستية ضد أهداف سعودية – زاد من إلحاح رغبة الرياض في اقتناء أكثر أنظمة الدفاع الصاروخية تطوراً، والمتاحة في الوقت الحالي.

المملكة العربية السعودية هي في الواقع واحدة من عدد قليل جداً من البلدان التي شهدت فعالية أنظمة الدفاع الصاروخي: فخلال الحرب بين إيران والعراق في 1980، تم اعتراض صواريخ سكود التي أطلقت على السعودية عبر نظام باتريوت الأمريكي.

إن وجود نظام دفاع صاروخي قوي سيمكن الرياض من تعزيز “دفاعاتها”، وهو ما من شأنه أن يلغي قيمة الكفة الأخرى وافشال معادلة الردع لقدرات الصواريخ الهجومية للخصوم.

الرياض لا تنخرط فقط في تعزيز إجراءاتها الدفاعية ، بل أنها تعمل كذلك على انشاء بنية دفاع صاروخي للسعودية والإمارات وبقية دول مجلس التعاون الخليجي (على الرغم من أن بنية الدفاع الصاروخي المتكامل في دول مجلس التعاون الخليجي سوف يشكل تحديا لتحقيق مجموعة من القضايا التي تحتاج إلى حل).

تدير المملكة العربية السعودية حالياً منظومات PAC-2 -Patriot الصاروخية الدفاعية الأمريكية، انظمة الباتريوت باك-2 كانت قد استخدمت خلال حرب الخليج عام 1991 ، وهي الآن قديمة وقد عفا عليها الزمن، كما أن قطع صيانتها وغيارها لم تعد متوفرة كما كانت عليه من قبل.

في عام 2015 ، سعت الرياض للحصول على منظومة باتريوت PAC-3 الأكثر تقدمًا. كما كانت المملكة مهتمة ايضاً بالحصول على نظام محطة الدفاعات الجوية عالية الارتفاع (THAAD) الأمريكية، التي لديها القدرة على الوصول إلى نقطة ما قبل الغلاف الجوي، الأمر الذي كان من شأنه أن يضيف إلى أفضلية كبيرة للدفاعات الصاروخية في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك ،  فقد كانت هناك تأخيرات في الحصول على موافقة الولايات المتحدة لبيع نظام THAAD بقيمة 15 مليار دولار إلى الرياض.

أدى هذا التأخير إلى موافقة الرياض على إلقاء نظرة أولية على نظام الدفاع الجوي والصاروخي الروسي S-400. وفي حين أن هذه كانت خطوة تاريخية، فقد كانت هناك قضايا خطيرة تعقد أي تحسن محتمل في علاقات السعودية مع روسيا، فالولايات المتحدة – التي تعتبر حليف الرياض الأكبر ومزودها الدائم بالأنظمة الدفاعية والأسلحة – ليست في خلاف مع موسكو على أوكرانيا فقط، بل ومع سوريا وإيران وكوريا الشمالية، وأيضاً حتى وقت قريب، كانت السعودية نفسها تقاتل روسيا في سوريا.

 

حاجة المملكة لأنظمة الدفاع الصاروخية

شهدت المملكة العربية السعودية مؤخرا هجمات صاروخية من اليمن مماثلة لتلك الهجمات التي واجهتها خلال حرب الخليج. ومع ذلك، هذه المرة، فإن التهديد أكبر وأكثر تطوراً. حيث إن معظم صواريخ الحوثيين كانت دقيقة وأكثر تطوراً من صواريخ سكود التي استخدمها العراق في التسعينيات. هذه الصواريخ الجديدة التي يمتلكها الحوثيين، تم تزويدهم بها من قبل إيران وربما أيضًا من قبل كوريا الشمالية. وقد تمكنت السعودية من اعتراضها حتى الآن.

وأضف الى ذلك، الاتفاق النووي الإيراني، إلى جانب برنامج طهران لتطوير الصواريخ الباليستية (الذي يخالف قرارات مجلس الأمن القاضية بفرض قيود على هذا النشاط)، فضلا عن مشروع إيران فيما يخص صواريخ كروز، كل هذا قاد الرياض الى مواصلة هيكلة وتطوير الدفاعات الصاروخية.

في أكتوبر 2017، وقبل صفقة S-400 ، قام العاهل السعودي الملك سلمان بزيارة موسكو للقاء الرئيس فلاديمير بوتين لتحسين العلاقات الثنائية. وخلال هذه الزيارة، وقع سلمان صفقة أسلحة مع روسيا بقيمة 3 مليارات دولار. وكانت أنظمة S-400 مدرجة في حزمة الأسلحة تلك.

وعندما وافقت الرياض على إلقاء نظرة أولية على S-400 الروسية، ظهرت تقارير غربية تشير إلى أن الولايات المتحدة قد وافقت على احتمال بيع منظومة THAAD إلى المملكة العربية السعودية.

منظومة THAAD كانت قد وجدت لنفسها بالفعل مكاناً في سوق الشرق الأوسط – حيث كانت كل من قطر والإمارات قد حصلت عليها من قبل، على سبيل المثال – ولكن منظومة S-400s الروسية حازت أيضاً على بعض الاهتمام في الشرق الأوسط، مع وجود بلدان تفكر في شراء هذه المنظومات مثل تركيا.

أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية ، فإن تحسن علاقاتها الثنائية مع روسيا – خاصة في جانب التعاون في مجال الأسلحة والذخيرة، مثل صفقة S-400 – يمكن أن يمهد الطريق بشكل أكبر لحل الأزمة السورية. كما أن روسيا، التي تمتلك علاقة وثيقة مع إيران، يمكن أيضاً أن تلعب دوراً حاسماً في حل أزمة اليمن حيث خسرت المملكة هناك على الأرض لصالح المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

من وجهة نظر أمريكية وروسية، فالرياض تعتبر سوق رئيسي لمنظومات الدفاع الصاروخية في الوقت الذي تتضاعف فيه وتتفاقم التهديدات البالستية وتهديد صواريخ كروز ضدها. حيث شهدت ميزانية الدفاع في المملكة لعام 2018 زيادة وصلت إلى 56 مليار دولارًا أمريكيًا.

لكن الأحداث الأخيرة دفعت المملكة إلى توسيع آفاقها. فبعد تجارب سوريا واليمن وفي ضوء الاتفاق النووي الإيراني، باتت المملكة العربية السعودية الآن على استعداد للدخول في علاقات استيرادية جديدة مع

اصدقاء جدد، فمنذ العام 2015 ، كانت هناك تقارير تفيد بأن المملكة العربية السعودية وإسرائيل قد

حسنتا من العلاقات التي تجمعهما.

إن اهتمام الرياض بمنظومات الأسلحة الإسرائيلية مؤشر واضح على هذه العلاقات القوية بين إسرائيل والسعودية. ولغرض اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والمقذوفات الصاروخية، أعربت المملكة العربية السعودية

عن اهتمامها هذا العام بمنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية مثل القبة الحديدية وكذلك منظومة Active Trophy الدفاعية الإسرائيلية، والتي يمكنها أن تعترض وتدمر الصواريخ والقذائف التي يتم اطلاقها على المملكة.

أما فيما يخص دافع المملكة لتحسين العلاقات مع روسيا، فإنه يختلف عن دوافعها لتحسين علاقاتها مع إسرائيل. فمع إسرائيل، يعد تعزيز العلاقات رادعاً ضد التأثير الإقليمي المتنامي لإيران. أما مع روسيا، فإن تحسين العلاقات ربما كانت مقدمة لطلب الرياض مساعدة من موسكو في التوسط للحل في اليمن، وصفقات الأسلحة هذه هي جزء لا يتجزأ من خطوات تحسين العلاقات الثنائية مع روسيا.

إعداد الباحثة/  “دوبالينا غوشال” ، وهي محللة مستقلة ومستشارة في القضايا النووية والصاروخية وشؤون أنظمة الدفاع الصاروخي

مركز BEGIN-SADAT الإسرائيلي للدراسات الإستراتيجية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com