اخبار محليةالقضية الفلسطينيةسياسة

تقرير — لاشيء سيغير المزاج الامريكي تجاه شعوب المنطقة سوى ضربات رجالها الافذاذ .

الى يوم القيامة

عبدالرحمن هاشم اللاحجي

على ذات العادة وبنفس الوتيرة الامريكية المندفعة – الرامية الى ادخال منطقة الشرق الاوسط في سلسلة طويلة من الحروب  والنزاعات   ” اللا متناهية “، خرج علينا المختص في فض النزاعات وادارة الازمات في الشرق الاوسط السياسي الامريكي الشهير / روبرت مالي بتهديدات نارية واضحة – ومكشوفة عرضتها صحيفة فورن بوليسي الامريكية عشية الاثنين الماضي 15/آب قال فيها : ” بأن الحرب في سوريا ستستمر  إلى اجل غير معروف “.!

التهديدات الفارغة الذي ادلى بها “منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا والخليج”  جآءت بعد ان وجد الامريكيين جماعاتهم المتطرفة التي ادخلوها مدينة حلب السورية عقب اعلان المبعوث الاممي  ديمستورا عن فشل مشاورات جنيف 3 والمقدرة حسب التقارير الاخبارية الامريكية بقرابة ال 20 الف متطرف ” مهجني الجنسيات ” في مأزيق عويص ووضعية حرجة وصعبة للغاية  خصوصا بعد  ان تمكن ابطال الجيش السوري مسنوداً باسراب من الصقور الروسية “المنطلقة بعضها من قاعدة همدان الايرانية”، من اطباق الخناق عليها وتلقينها دروساً قتالية عالية ستستفيد منها مختلف المعاهد والاكاديمات العسكرية العالمية مستقبلاً .

“روبرت مالي”لا يقول كلاماً أجوفا وهو المعروف بقربه من مطابخ القرار الأمريكي كما انه المسؤول عن العديد من الملفات العالقة في الشرق الاوسط بحكم منصبه كمساعد للرئيس الامريكي الحالي /باراك اوباما انما قناعة سائدة لدى قواديه السريين ومع ان الرجل كان قد تحدث بدهاء دبلوماسي عندما حاول تحميل فشل مشاورات جنيف على نظرائه الروس  قائلاً بأن: “موسكو تسير في طريق وعرة وخطرة للغاية”! ،  الا انه  كشف وبشكل فاضح -غير مقصود عن علاقة بلاده  بالجماعات المتطرفة ليؤكد تصريحات المرشح الجمهوري الصاعد دولاند ترامب حينما اتهم في احدى خطاباته الجماهيرية الحاشدة ادارة الرئيس اوباما وكلينتون بإنشاء داعش وتمويلها” وذلك عندما توعد بتقديم اسلحة نوعية ومتطورة للمتطرفين – الارهابيين في سوريا قائلاً بأن : “الولايات المتحدة ستواصل تزويد المعارضة السورية بالأسلحة النوعية في حالة فشلت المساعي الامريكية مع موسكو لايجاد صيغة تعاون مشتركة ، وقال بأن: “واشنطن مستعدة لعمل كل ما بوسعها “لكي لا ينجح النظام السوري”. كما انه عزز من الرؤية الامريكية- اليهودية لشرق اوسط جديد عندما ذهب للقول بأن: “الحرب ستستمر الى اجل غير معروف” .!

نحن في اليمن لم تفاجئنا تهديدات المستشار اليهودي/  “روبرت مالي” مثلما لم تفاجئنا مثيلاتها من التهديدات الجزافية- العابرة بشأن بلادنا التي كانت تأتي على لسان متحدثين باسم البيت  الابيض في اوقات سابقة ومنها ما اطلقه السكرتير الاول في البيت الأبيض / جون ايرنست اثناء انعقاد جلسات مؤتمر الكويت الفائت  عندما قال بأن : الحل في اليمن بعيد المنال ، لأننا باختصار نعي بأن الامريكيين لا يبحثون عن حلاً سياسياً اكثر من اهتمامهم بتنفيذ مآرب الاستراتيجية الامريكية-الصهيونية في الشرق الاوسط التي كشف بعضاً من مخابئها الدفينة مدير وكالة الاستخبارات الامريكية السابق مايكل هايدن عندما ادلى بتصريحات هامة لمحطة “سي ان ان” في  12 آذار الماضي قال فيها: “ان سورية لم تعد موجودة، والعراق انتهى، ولن يعودا الى ما كانا عليه، وان لبنان واليمن سيتفككان ، وليبيا في خبر كان”.

الرغبة الامريكية لإطالة امد الحرب سواء في سوريا او اليمن او العراق او اياً من تلك الدول العربية التي شملتها نبؤات / مايكل هايدن وتكهناته، او حتى تلك التي لم يعرفها الجنرال المُقال خلال فترة عمله كمدير لوكالة الاستخبارات الامريكية cia والتي ربما ستشمل دولاً أوروبية وشرق أسيوية ” كما هو واضح من خلال العمليات الانتحارية شبة اليومية في تلك الدول “، ليست جديدة انما الجديد فيها هو التكهنات الامريكية “الظاهرة” على هيئة تهديدات في وسائل الاعلام لجهابذة ومسؤولي البيت الأبيض  وروّاد الدهاليز المظلمة في واشنطن ونيويورك خصوصا اولائك الذي يشغلون مناصب كبيرة في الدولة ويشاركون بشكل مباشر او غير مباشر في صناعة ورسم القرار الخارجي للولايات المتحدة الامريكية وينفذون فعلياً الإستراتيجية الصهيونية الشنيعة في الشرق الاوسط ودول اورباء وشرق آسياء بإستمرار الحروب والنزاعات وديموتها الى ما “لا نهاية ” او الى “اجل غير معروف ” حد وصف المستشار “مالي” .!

اليمنيين  فهمو الرغبة الامريكية الرامية لتفتيتهم وشرذمتهم على غرار النموذج السوري والعراقي (النوذج العراقي هو الأقدم)  منذ وقت مبكر وتحديدا منذ تقديم  السفير الامريكي المنفي / ماثيو تولر لمشروع الاقاليم كخيار وحيد في مؤتمر الحوار الوطني وتركو للامريكيين فرصة لمراجعة حساباتهم في مؤتمري جنيف 1 ، 2 وجولتي الكويت الماضيتين التي اظهرت سوئت  الامريكيين على حقيقتها ، لتأتي التحركات السياسية التي كُللت مؤخرا بتشكيلة المجلس السياسي لادارة البلاد وعسكرياً بالوصول مشارف نجران واحكام السيطرة على مضيق باب المندب موضحة لعمق التحدي وكاشفة لعظم الثبات في مقارعة الغطرسة الامريكية التي من المؤكد بأنها ستندم على ضياع تلك الفرص التاريخية الثمينة حين تجد نفسها مستقبلاً امام ضربات البؤساء والكادحين ومن المؤكد أيضاً بأن الشعبين الشقيقين السوري، والعراقي ومثله بقية الشعوب اليقضة والمتنبه  قد اعدت نفسها لحرب: ” المالانهاية “.

من الخطاء القول بان المزاج الأمريكي سيتغير يوما ماء نحو الأفضل لأن القناعة السائدة لدى الأمريكان منذ وقت طويل هي حرب طويلة الأجل تجتاح المنطقة الشرق أوسطية من أقصى الشمال الى  أقصى الجنوب ومن الشرق الى الغرب باستثناء ” اسرائيل ” بل خدمة لأجنداتها المستقبلية ، وما يحدث في ليبيا والعراق وسوريا ولبنان والسعودية واليمن والسودان ..الخ  خير شاهد، على ان مجرد إيماننا ولو بنسبة ضئيلة بإمكانية تعديل تلك القناعة الجاثمة في صدور حلفاء امريكا السريين الى الأفضل سيجعلنا نعتقد بأن الشياطين قد تتوب عن بعض أفعالها الشريرة، وهذا امر مستبعد ان لم يكن مستحيلا مثلما هو المستحيل أيضا إمكانية إخضاع شعوب ظلت لعشرات الآلاف من السنوات عصية عن الانكسار والتبعية وبقيت جيلا بعد آخر كجينات امبراطورية حضارية تتوارث الحديث عن غزاة لم يكونو سوى علامات فارقة على هوامش “صفحات” الأجداد المخلدّون  .

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com